الإثنين، 20 مايو 2024

04:22 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

ERGdevelopments

يهدد عرش خط جرينيتش..

«الجمهور» ينفرد بأول حوار مع جهاد بكورة مبتكر نظرية تعديل اليوم لـ 30 ساعة

جهاد بكورة

جهاد بكورة

أحمد عجاج

- خطوط الطول والعرض الحالية «وهمية»

- ما يؤديه الإنسان في 60 دقيقة يمكن إنجازه في 48 فقط

- استعنا بمصمم كفيف منذ الولادة ليرسم لنا فكره وإحساسه بالوقت

- الغرب سيرفض نظامي لمجرد أنه صدر من الشرق

- اخترعت ساعة ذات عقرب عكسي لتضاهي «كذبة» التعداد التصاعدي

- الدوران حول الكعبة أقدم وأرسخ من ابتكار الساعة

- تقليل الساعة لـ48 دقيقة هدفه استغلال الوقت والتحفيز على الإنجاز

- «نظام النون» يساعد الإنسان على عدم عزلته بعد مد الساعات لـ30 

- يمكن للمستخدم معرفة الوقت المتبقي لديه من اليوم بـ«نظام النون»

-  صممت ساعة مزدوجة توضح النظامين القديم والجديد للوقت

«سوريا روسيا سويسرا» ثلاث محطات متشابهة الأحرف مر بها جهاد بكورة حين حمل حقائبه وهو ابن 15 عاما ليترك سوريا متجهًا إلى روسيا حيث يقوم برحلة طويلة يثبت من خلالها جدارته كرجل أعمال ومفكر حمل من الشرق الأوسط جينات الإبداع والابتكار، متجهًا بها إلى الشرق الأقصى حيث البيئة الخصبة لازدهار عقلية جديدة ليثبت نجاحه كرجل أعمال يقتحم أبواب سويسرا معقل صناعة الساعات فى العالم وبعد التجارة والصناعة يطرق بقوة أبواب الفكر والفلسفة ليبتكر نظريات جديدة للتعامل مع الوقت قد يغير بها وجه العالم تمامًا كما ابتكر من قبل أشكال وأنواع جديدة من الساعات.

وكان لـ«الجمهور» أول حوار معه من روسيا يلقي من خلاله الضوء على أفكاره التي وجدت صدى واسع حيث ابتكر ساعة يد قسم خلالها اليوم إلى 30 ساعة كدليل قوي على مدى إيمانه بأهمية إعادة النظر فى تقسيم ساعات اليوم على أجزاء أصغر من 60 دقيقة، وأهمية تغيير نظرة إنسان القرن الـ21 للوقت، الأمر الذى أثار جدلًا واسعًا لتنفيذ هذه الفكرة ومردوها على الحياة الاجتماعية والأسرية والنفسية فى ظل عصر السرعة والثورة المعلوماتية وسيطرة الذكاء الاصطناعي.

من أين بدأ جهاد بكورة وكيف اقتحم عالم الساعات في روسيا؟

نشأ جهاد بكورة فى شوارع دمشق العتيقة وبين أحد عشر شقيقا حيث يقع ترتيبه العاشر بينهم، وحين أتم من السنوات عشر، توفي والده تاركًا خلفه ساعة وقلم «كانت ملهمة له فيما بعد»، وتركة ثقيلة للأم المكلومة لتجد نفسها أمام مسئولية ينوء بحملها أولي العصبة من الرجال، واكتسبت سمعة وشهرة طيبة طاردت الفتي في كل مكان يتوجه له، ليعرفه الجميع بـ«ابن الحاجة»، ذلك اللقب الذي جعله متمردًا، فما أن بلغ من العمر الرابعة عشر حتى أعلن العصيان مطالبًا بحقه في الاعتراف بتفرده كمصمم محترف لفساتين السهرة والأفراح في المحل الخاصة بوالدته «الحاجة بدرية».

ومن حدود دمشق متجاوزًا حدود سوريا والمنطقة العربية بالكامل متجها نحو الشرق في رحلة سياحية إلى «سوتشي الروسية» لتصبح وطنة الثاني الذي كون فيه أسرة صغيرة، واحتضن موهبته وعلى مدار ما يقرب من عشرين عامًا عمل خلالها في مجالات متعددة حتى رست به سفينته على شاطئ تصنيع الحقائب النسائية من خلال مصنع خاص به، إلا آن الرياح أتت بما لم تشته نفسه، حين توفيت والدته الحاجة بدرية ليكتشف جهاد أن هروبه وعدم رغبته في العيش في جلبابها لم يكن سوى الغلطة التي أبعدته عنها وهي الحب الأكبر في حياته، لتخور بعدها قواه ويعلن التمرد من جديد معلنا التحدي بالتخلص من ذلك المصنع الذي اعتقد أنه سرق منه الوقت الذي كان عليه أن يقضيه بجوار والدته.

ويروي جهاد بكورة هذه القصة خلال السطور التالية، فإلى نص الحوار..

اشرح لنا نظريتك عن تحويل اليوم إلى 30 ساعة بدلًا من 24؟

اكتشفت أن ما يمكن أن يؤديه الإنسان في 60 دقيقة يمكن أن يؤديه في 48 دقيقة فقط، بحيث يتم استقطاع 12 دقيقة من كل ساعة من ساعات اليوم، لنجد في النهاية اليوم تحول لـ30 ساعة بزيادة 6 ساعات في اليوم بما يعادل 2190 ساعة في السنة، وصممت ساعة مزدوجة توضح النظامين النظام القديم والجديد والذي أطلقت عليه «نظام النون» وعداد يخبر المستخدم بمدة الفارق الزمني بين التوقيتين بالضبط، ليستطيع المستخدم حساب كم الوقت المتبقي لديه من اليوم.

وما الفائدة من هذا الازدواج ومن هذه العملية نفسها؟

الفائدة تظهر مع استخدام الشخص للساعة، حيث يستطيع أن يقسم وقته بالطريقة التي تناسبه ويوزع ما تبقى من الوقت الذي توفر له على اهتماماته الأخرى، وفي نفس الوقت هو لا ينعزل عن التوقيت العادي المعتمد في منطقته الجغرافية، ويستطيع أن يستغل فائض عدد الساعات في إنجاز ما يريده، ففي البداية حين يشعر بأن الوقت يمضي ويجب أن ينهي عمله في 48 دقيقة بدلًا من 60، سيقوم بالتركيز وعدم إهدار الوقت، وهذا يمثل نوع من أنواع التحفيز البصري والنفسي للإنسان لدفعه لإنجاز مهامه في الوقت المناسب بدون إهدار للوقت، وهي نظرية متمثلة في الحافز المنبه الذي يذكرنا بأن الوقت يتسرب، لنتمكن من ترشيده واستغلاله بالشكل الأمثل، ومن يعتاد على ارتداء مثل هذه الساعة لمدة عام كامل، يجد نفسه مع التمرس يقدر قيمة الوقت ويدرك كيف يستغله ولا يسمح لأحد بعد ذلك أن يسرق منه وقته الذي أصبح يخصصه لعائلته مثلا أو لممارسة هواية أو عبادة يحبها.

هل تدرك أن هذا النظام كفيل بهدم الكثير من الثوابت العلمية الموضوع على أساسها السياسات والبرامج العالمية؟ 

نعم، أدرك ذلك تمامًا، وأؤمن بأن هذا النظام أنا وضعت نقطة بدايته فقط ولن يتوقف عند هذا الحد، وسيأتي من بعدى ناس ربما يجعلون الساعة أقل من 48 دقيقة، فخطوط الطول والعرض الحالية هي بالأساس خطوط وهمية وضعها بشر في أوضاع وظروف معينة، وتغييرها ليس جريمة بل ربما أصبح حتمي مع التطور والسرعة التي نعيشها ومع ذلك فقد اخترت أن أسير بطريقة معينة لأني أعرف أن الغرب سيرفض هذا الأمر لمجرد أنه صدر من الشرق، تمامًا كما أنهم يعادون الأديان السماوية لمجرد أنها نزلت في بلاد الشرق.

الفكرة تكمن في اعتمادي على طريقة عمل تشبه طريقة انتشار النشيد الوطني السوري، الذي ألفه أخوين من عائلة فليفل من لبنان، وتم رفض إذاعة النشيد، وعند ذهابهم لرئيس النواب فارس خوري وقتها عام 1928، أخبرهم أنه سمع النشيد ونصحهم بأن يعلموه للأطفال بالمدارس وللناس بالطرقات، واضطرت الحكومة إذاعته في النهاية، وهذا هو المنهج الذي اتخذه، عن طريق شرح الفكرة وفوائدها وكيفية تطبيقها للناس، ليصبح لها جمهور من المؤيدين والمؤثرين في المنطقة العربية والشرق بالتحديد لأنهم أكثر تقديرًا لقيم الروح والحضارة من الغرب الذي يؤمن بالماديات ويسعى للتحلل من كل الضوابط والقيود بما فيها الأديان السماوية، ولو نجحنا في إحداث هذا التغيير بمرور الوقت واستطعنا التحكم بالوقت، سنعيد صولجان الريادة للحضارة العربية ونكون قد تركنا لأبنائنا إرث قيم يعيد لهم قيمتهم ومكانتهم أمام العالم كله.

هل ترى أن الغرب سيسمح لمثل هذا التغيير بالحدوث ليهدد إرثه التاريخي؟

نحن لم نهدد أي شخص، نحن فقط بدأنا نضع المؤشر الخاص بكلمة ساعة على كل 48 دقيقة، بدلًا من كل 60 دقيقة، وهو أمر مسموح لنا كأشخاص أو كإقليم، فكل شخص حر في اتباع أي نظام يريده طالما لا يضر أحد، وطالما ملتزم بالأخلاقيات العامة، فما الذي يضر الآخر إذا ما كانت ساعتي مضبوطة على موعد سابق لساعته بساعتين مثلًا، المهم أني ألتزم بمواعيدي، ومع ذلك لا يمكن أن ننكر أن بالغرب هناك ناس يدركون جيدًا أن للشرق سحره وحضارته ولديه قدرة على الإبداع، ويعلمون قدر ابن سينا والفارابي وغيرهم، فما يهمني اليوم ليس ما الذي سيفعله الغرب، بل يهمني ما الذي سيفعله أبنائي غدًا، فليفعل الغرب ما يفعل، وعلى فقط أن أقوم بدوري، أما الصعوبات فأرى دائما أنها الضوء الأخضر بالنسبة لي، كما أني قصدت أن يقال بعد سنوات أن هذه الفكرة صدرت من الشرق سواء من سوريا أو مصر أو من الخليج وليس من روسيا ولا من أوروبا ولا أمريكا.

ماذا عن الساعة ذات العقرب العكسي؟

اكتشفت وجود كذبة كبيرة في عملية النظر للوقت بالتعداد التصاعدي، الذي يجعلنا نشعر بأننا ننمو أو نكسب كلما مر الوقت، فحين تتقدم الساعة من الواحدة للثانية للثالثة، ويشعر الإنسان شعورًا وهميًا بأنه يكسب وقتًا ويقنعه عقله الباطن بذلك وهذا كذب، ففي الحقيقة كل ساعة تمر يخسرها الإنسان من عمره الذي منحه الله له، وذلك أوحى لي بتصميم ساعة تسير عقاربها من اليسار لليمين فى نفس اتجاه الطواف حول الكعبة، وتبدأ بالساعة الثانية عشر، ثم تتناقص لتصبح الحادية عشر ثم العاشرة، ليظل الشخص يقظًا بالمدة المتبقية له من اليوم ولا يشعر بالشعور الزائف بامتلاك الوقت.

خوف الإنسان من فقدان شيء يدفعه باستمرار للحفاظ عليه والشعور بأهميته، والصحيح هو أن دوران عقارب الساعة عكس اتجاه الدوران حول الكعبة وليس كما يقول البعض أن الطواف حول الكعبة يكون عكس اتجاه عقارب الساعة، فالدوران حول الكعبة أقدم وأرسخ من ابتكار الساعة نفسها، ويكون الطواف بحيث تصبح الكعبة على الجهة اليسرى للشخص، وهي محل وجود القلب في جسم الإنسان، وهناك قاعدة معروفة بالأسواق، وهي أن المحلات التي تقع في جهة اليسار من الشارع تكون أعلى في أسعارها من المحلات التي تقع على الجهة اليمنى، لأن عين الإنسان تقع بشكل تلقائي أكثر في اتجاه اليسار، لذلك فالفكرة التي قدمتها من خلال الساعة العكسية هي فكرة تتسق تمامًا مع ثقافتنا الشرقية وكفيلة بأن تعيد لنا الشعور بالتناغم مع شعائرنا ومع حركة الكون وتشعرنا بأهمية الوقت الذي يمثل أعمارنا التي وهبها الله سبحانه وتعالى لكل إنسان، فلكل منا قدر معين من الوقت يعيشه في الأرض وعلينا آن نحترم هذه المنحة الإلاهية لأنها تمثل أعمارنا التي سنسأل عنها فى الأخرة.

هل يمكن لهذا النوع من الساعات أن يكون لها تأثير لاستعادة ضبط الساعة البيولوجية للإنسان؟

طبعًا أكيد مليار بالمائة، فالشعور هو أمر داخلي وخاص بكل شخص ويمكن أن يكذب ويكون غير حقيقي، إما الإحساس فهو أمر كوني ولا يكذب، فحين أرى الشمس بعيني وهي «حاسة النظر» أو تلمست المياه بحاستي «التذوق أو اللمس»، فهذه أحاسيس نتج عنها معلومات مؤكدة، لكن عندما تشرق الشمس ويراها كل منا، هل سيشعر تجاهها بنفس الشعور؟ بالطبع لا، فكل منا لديه نفس الوقت ولكن كل شخص يتكون لديه شعور مختلف به، وهكذا بالنسبة للساعة البيولوجية للإنسان.

نوع الوقت مرهون بمشاعرنا وهذا ينعكس أيضًا على طاقة الشخص الآخر، فحين نشعر براحة وانفتاح معه تسير الطاقة في الاتجاهين متبادلين حتى أنه قد يجد حلولًا لبعض مشكلاته أثناء حوارنا معه، فأحيانا نقضي ساعة مع شخص مريح، نتحدث فيها عن قضايا عديدة نصل خلالها لحلول غير متوقعة، هذا ما يسمى ببركة الوقت، فالوقت حيادي يعطيه الله لكل الناس، لكن هناك أشخاص يوفقون في عملية فك شفرة الوقت وتصير مساحته كبيرة جدًا وطاقته كلها مسخرة للشخص فينجز خلال دقيقة ما ينجره غيره خلال ساعة، وهناك أشخاص حققوا إنجازات رهيبة خلال وقت قياسي، بينما استغرق غيرهم سنوات أطول لتحقيق بعضها، فالساعة البيولوجية جزء من تكوين الإنسان، عندما يتم ضبط ايقاعها وفهم طبيعتها يمكن للإنسان تحقيق ما لا يتخيله.

هل لهذا صممت ساعة ذات عقرب ثواني فقط دون عقرب دقائق ولا ساعات؟

نعم، فهذه الساعة تُشعر مرتديها بحركة الزمن، وهي بالتالي تحفزه حتى تُحيي شعوره الذاتي بالوقت، وبدلًا من أن يقوم بضبط منبه ليوقظه، فالأفضل أن يتم ضبط ساعته الداخلية ليستيقظ في الوقت الذي يريده بدون المنبه، لكن قبل أن أطلب منه ذلك لابد أن أشرح له عظمة هـذه الخطوة ليكتشف مع الوقت قدرته الداخلية على القيام بها بدون الحاجة لمساعدة من الخارج، ولو نظرنا في القرآن سنجد آن فكرة السمو والتأمل في الكون والتعالي على العالم المادي موجودة في الأمر الإلهي لنا بالتسبيح الذي يعني التنزيه والتسامي «سبح باسم ربك الأعلى» و«سبح ربك بالغدو والآصال» وهذه العبادة نتيجتها تشعرنا بالرضا عن الواقع لنستمتع به.

كيف استطعت أن تخرج بساعاتك من مجال المنافسة وهي لا تزال وليدة وحديثة بالأسواق في مواجهة ماركات عريقة؟

راهنت على الابتكار والإبداع والأفكار غير التقليدية، حيث قررت الاستعانة بمصمم كفيف منذ الولادة ليرسم لنا فكره وإحساسه بالوقت، ثم أطلقنا اسمه على هذه الساعة، وأصبحت أبحث عبر العالم عن المصممين المكفوفين منذ الولادة ومؤخرًا اتفقنا مع طفلة لبنانية عمرها 12 عاما كفيفة منذ الولادة لتشارك في التصميم معنا، وطرحنا تصاميم متميزة منها ساعة الوجوه التعبيرية وكانت أول ساعة تغمز لمرتديها كل خمس ثواني.

ألا يعد ذلك غريًبا في وسط عالم يتجه للساعات الذكية والتكنولوجية في حين تتجه أنت لعمل ساعة تحسن من مزاجية مرتديها خلال اليوم؟

الساعات الذكية مجرد خادم آلي موظف لخدمة الشخص، فهي مناسبة له حين يكون في العمل ويحتاج لموظف، لكن في حياته الاجتماعية، لا يمكن للشخص أن يصطحب الموظف معه، لذلك الساعة التي نصممها بمثابة صديق لإضفاء بعض الإنسانية على المنتج، فنحن نخاطب الجانب الحسي والإنساني ليستطيع المستخدم ملامسة الزمن والتفاعل معه، والإنسان في حاجة لكليهما، وهذا لا يلغي أهمية الساعات الذكية.

ما فلسفتك في تغيير مفهوم الوقت؟

نحن نعيش عصر التكنولوجيا والآلات الحديثة التي اختصرت المسافات، ووفرت للإنسان الكثير من الوقت الذي كان يقضيه في مهام عديدة خلال يومه، ومع ذلك لم يعد الإنسان يجد الوقت الكافي ليحيا حياة طبيعية يستمتع فيها بروابط الأسرة والعائلة أو يمارس خلالها طقوسه الإنسانية والروحانية، فحين جئت إلي روسيا أعجبت بثقافة الناس بقضاء الوقت في قراءة الكتب في المواصلات أو الحدائق، والغرب عندما أراد إضعاف الثقافة الروسية قالوا جملة شهيرة لم أفهمها وقتها، وهي «سنُجهِّل العِلم»، ولكن بعد سنوات رأيت نفس الشعب أصبح يقف مصطفًا أمام الألعاب الإلكترونية، فعرفت معنى تجهيل العالم، ففكرت بعمق، واكتشفت أنه عندما تم تقسيم الوقت في عصور التأمل عن طريق حركة شمسية، وكان الشعور بسرعة الزمن ليس مثل الآن، حيث أصبحنا نحتاج إلى السرعة مع الكفاءة، فأصبح من الضروري إعادة تقسيم الوقت على أساس السرعة والكفاءة، وليس الحركة والدوران.

هل كان هناك موقف مؤثر أوحى لك بإمكانية تقسيم الوقت؟

أتذكر منذ 25 عاما كنت أتعامل مع مصنع للحقائب النسائية، وكان لهم شروط للبيع، بحيث كل موزع يشتري 10 آلاف حقيبة في الشهر يحصل على خصم 20%، وتقل نسبة الخصم كلما قل عدد الحقائب، فاقترحت أن أحصل على خصم 20% خلال 6 أسابيع وليس 4 أسابيع وأحصل في المقابل على الكمية نفسها، وطلبوا مني مهلة لدراسة العرض ثم وافقوا في النهاية.

من هنا بدأت أفكر في إمكانية إعادة تقسيم الوقت بحيث يكون لكل دولة أو منطقة توقيتها المناسب لظروفها، وبذلك نجد حلولًا لمشاكل الوقت عن طريق إعادة تقسيمه بعيدا عن التقسيم المعروف، فكما أن لكل دولة عملتها الخاصة، فممكن يكون لكل شخص طريقة متفردة في إدارة وقته.

كما فكرت في سبب جعل الساعة الأكاديمية وساعة الطبيب وساعة المساج وساعة العمل الحقيقي كلها أقل من ساعة، حتى في القرآن الحول أقل من سنة، وسنة التجنيد أو السجن مدتها تسع شهور، فلماذا يستخدم العرب بل والعالم كله هذا المفهوم في كل هذه الأمور ولا يستخدمونه في ساعات اليوم العادي، وقد أصبحنا جميعا نشكو من سرعة الأيام، فمن الجمعة للجمعة لا نشعر كيف مرت 7 أيام، وبالبحث وجدت أن هناك هدر لـ12 دقيقة على الأقل من كل ساعة يوميًا من وقتنا وربما أكثر، فلو افترضت أني نمت 4 ساعات فقط، معناها لا يتساوى مع جملة «نمت 4 ساعات كاملة» وهذا يعني أن شعورنا بالوقت هو الذي يمنح الوقت قيمة والوقت نفسه محايد لا علاقة له بما نفعله فيه أو ننجزه خلاله.

ما تفسيرك للشعور بسرعة مرور الأوقات السعيدة ومرور الوقت السيء ببطء شديد؟

الوقت محايد لا علاقة له بما نعمل، نحن من نقوم بإضفاء صفات ومسميات عليه حسب شعورنا بما نفعله، وبـذلك يمكن إطالة الوقت بتكثيف المشاعر أو الإنجازات الإيجابية، فالله سبحانه وتعالى حين خلق الإنسان أعطاه نعمتان هما الوقت والإحساس معًا، فلنتخيل لو استيقظنا يوماً ووجدنا كل الساعات متوقفة عن العمل، واكتشفنا أن الله سبحانه وتعالى سحب الوقت من الكون أو سلب منا الإحساس بالوقت فلا ماضي ولا لحظة حالية ولا مستقبل، فكيف نستطيع أن نعيش؟

وقتها سنكره هذا الوضع بالتأكيد وسندرك أهمية الوقت، فالوقت هو الحياة، وهو نسبي، وكل شخص يمكن أن تكون له مطلق الحرية في تقسيم وقته كيفما يشاء، ففي عصر السرعة أصبحنا في حاجة لتغيير نظرتنا وطريقة تعاملنا مع الوقت، فهو كائن وجودي كما يراه الفلاسفة، وأرى أن أكبر كذبة بالعالم عشنا فيها هي كذبة الثانية والدقيقة والساعة، فهل من الممكن لأحد آن يجمع ثانيتين في وقت واحد؟ فكيف يمكن جمع 60 ثانية في دقيقة.

هو ليس جمع بل حصر لتكون الدقيقة عبارة عن 60 ثانية لتمييز فترة زمنية كيف ترى ذلك؟

هل هـذا يعني أن الدقيقة هي الثانية الـ60 أم أنهت 60 ثانية؟، نحن في الحقيقة لا يمكننا جمع الثواني آو حصرها، لكننا نحصر الوقت الذي استغرقه وقوع حدث ما، فاستخدم أفكاري وتصميماتي لأقدم من خلالها حلولًا لمشكلاتنا اليومية، فالحلول موجودة بالكون ولا يوجد شيء خارجه، لذلك وجدت أنني استطيع أن أعيد لك 25% من وقتك بتوفير 12 دقيقة من كل ساعة في اليوم، فالهدف من توفير الوقت هو إيجاد فرصة لأنفسنا في هذا الزحام لنستمتع بالأشياء التي تأثر إحساسنا بها وسط سرعة الحياة، مثل الأسرة والأبناء والأهل، وهـذا يحفز العقل الباطن نحو مزيد من النجاح والإنجاز، لأن العقل الباطن يدرك أن الساعة ساعة ولا يهمه الساعة كام دقيقة.

ألا يمثل ذلك تهديدًا للتكنولوجيا الحديثة التي تستهدف للسيطرة على الإنسان باعتماده على التكنولوجيا؟

نحن لا نعادي التكنولوجيا الحديثة بل نلفت انتباه البشر إلى أن الله سبحانه وتعالى سخّر له الكون كله، فالقرآن يخبرنا بأن الإنسان هو قائد هذا الكون المسخر له، ويوصينا بمعرفة أنفسنا، لكن الغرب لا يدرك هذه الحقيقة كما يدركها الشرقيون، بل ويحاولون بكل الطرق تحويل الإنسان إلى أسير للتكنولوجيا التي ينتجها الغرب، وهذه المفارقة مثار جدال مستمر بيني وبين شركائي السويسريين، هم يرون أني كمن يدخل سباق مع اللامبورجيني وتسلا وبورش بحصان حي، لكني أجيبهم بأن ما أفعله هو بمثابة تركيب أجنحة للحصان ليدخل هذا السباق بحيث لا تستطيع سيارة أن تلحقه وأن إحساس الإنسان بالانبهار حين يرى فارس يقفز بحصانه من مرتفع، هو نفس إحساسه حين يرى عملية إطلاق صاروخ للفضاء، فالأحاسيس هي نفسها التي ولدنا بها وهي طريقة تعبيرنا عما نشاهده، لكنهم في النهاية استسلموا بعد شرح فلسفتي الخاصة في هـذا الأمر وصبحوا أهم المشجعين والمتحمسين للفكرة.

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (نبض) اضغط هــــــــنا

تابع موقع الجمهور عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هــــــــنا

الجمهور، موقع إخباري شامل يهتم بتقديم خدمة صحفية متميزة للقارئ، وهدفنا أن نصل لقرائنا الأعزاء بالخبر الأدق والأسرع والحصري بما يليق بقواعد وقيم الأسرة المصرية، لذلك نقدم لكم مجموعة كبيرة من الأخبار المتنوعة داخل الأقسام التالية، الأخبار، الاقتصاد، حوادث وقضايا، تقارير وحوارات، فن، أخبار الرياضة، شئون دولية، منوعات، علوم وتكنولوجيا، خدمات مثل سعر الدولار، سعر الذهب، سعر الفضة، سعر اليورو، سعر العملات الأجنبية، سعر العملات المحلية.