الإثنين، 20 مايو 2024

03:43 ص

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

رئيس مجلس الإدارة

محمد رزق

رئيس التحرير

أمين صالح

ERGdevelopments

هبة سامي تكتب .. إسرائيل وقبضة المحاكم الدولية

هبة سامى

هبة سامى

يصمت القانون في زمن الحروب و تسود قوانين الغابة التي تمثلها الميليشيات و العصابات ، هكذا مرت الأعوام و القرون تسير عبر هذا النهج ، و لكن تغير هذا الظلام حين أصبح في العالم محاكم دولية و جنائية تحاكم الدول و الأفراد و تقتص لمن ظُلم حتى و إن طال الأبد.

 الآن أصبحت إسرائيل في موقف المتهم و تبحث لنفسها عن حجج واهية لتحاول إثبات براءتها المزيفة فيما ارتكبته في حربها الأخيرة على قطاع غزة في دولة فلسطين العربية المحتلة ، بعد فتح أبواب المحاكمة القضائية و اتخاذ إجراءات عقابية صارمة لوقف الحرب ، بدأ التحقيق الذي أجراه مدعي عام المحكمة الجنائية الدولية فيما يحدث في فلسطين عام 2015 ثم أصبح بشكل رسمي عام 2021 ، و بعد أن رأى العالم بأكمله و أصبح جليا أمامه جرائم إسرائيل في فلسطين رفعت جنوب إفريقيا في ديسمبر 2023 دعوى قضائية في محكمة العدل الدولية تتهمها بانتهاك ( اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948) حيث أن جنوب إفريقيا و إسرائيل طرفين ضمن الاتفاقية و من هنا كانت البداية لصوت القانون الدولي حين طلبت هذه الدولة من محكمة العدل الدولية وقف الهجمات العسكرية الإسرائيلية التي تشكل انتهاكا صارخا لتلك الاتفاقية و لكل القوانين الدولية و الإنسانية لم تُنفذ حتى الآن.

أصبحت ظاهرة القتل اليومي التي تشهدها عائلات بأكملها في فلسطين مجرد تأكيد على حقيقة محاولات إسرائيل تصفية القضية الفلسطينية عبر التهجير القسري إلى دول الجوار  ، بدعم من واشنطن التي تعارض تحقيق المحكمة الجنائية الدولية ضد إسرائيل ، و التي وجّهت صفعة لمحادثات الهدنة و تبادل الأسرى التي أقيمت في القاهرة و التي تتبنى جهود حثيثة لإنهاء هذه الحرب ،  لكنها أكدت أن قرار مهاجمة رفح جنوب قطاع غزة سواء تم التوصل لاتفاق أم لا  ، و أن خيار إنهاء الحرب غير مطروح  ، و هذا ما لا يأمله السياسيون في مصر و غزة ،  الذين يريدون إخبار ذويهم و مواطنيهم أن الحرب قد توقفت، و لكن كيف سيحدث هذا بينما لازالت إسرائيل تراوغ حول هذه الحرب الدامية و تنفي بشدة أن يكون هجومها على غزة يصل مرحلة الإبادة الجماعية و أنها في حالة دفاع عن النفس منذ اقتحام مسلحين من حماس جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر الماضي  قبل سبعة أشهر تقريبا.

لم يستيقظ ضمير تلك المنظمات الدولية فجأة ، و لكن تتابع الأحداث و زيادة توترها قلب السحر على الساحر ، تعتبر  قضية نيكاراجوا أحدث مسعى قانوني تسلكه دولة أخرى لوقف الإبادة الجماعية في غزة ، حيث قدمت طلب لمحكمة العدل الدولية أن تصدر أمرا لوقف المساعدات العسكرية الألمانية لإسرائيل، و اتهمت ألمانيا أيضا بحجب الأموال عن منظمة غوث و تشغيل اللاجئين الفلسطينيين ( الأونروا ) ، كما واجه حلفاء إسرائيل ضغوطا مشددة و متزايدة بوقف دعم و تمويل إسرائيل، كما تقدم إلى المحكمة أيضا طلب من خمس أعضاء بالتحقيق مع إسرائيل ، يعرقلها عدم انضمام إسرائيل لمحكمة الجنائية الدولية و عدم اعترافها بها ، و تلويحها على لسان نتنياهو أن المحكمة الجنائية تحاربنا !

بدأ يظهر على إسرائيل التوتر منذ شهر تقريبا بعد الضغط عليها  ، تزداد المخاوف في الداخل الإسرائيلي من استمرار تداعيات إصدار مذكرات اعتقال بشأن نتنياهو و مسؤولين آخرين أمنيين و سياسيين و مخاوف أخرى من امتناع الدول الغربية الداعمة تسليم السلاح و مساعدات عسكرية لها ، أمر مختلف هذه المرة بعد وفاة أكثر من 40 ألف شهيد معظمهم من النساء و الأطفال  المدنيين ، فماذا كانت تنتظر  هذه المحكمة لتتحرك ؟ 
ربما لن تتخلى الولايات المتحدة عن إسرائيل و ربما لن تسمح لهذه المحاكمات أن تكتمل ، لكن الأمر لم يعد في قبضتها و سيطرتها كما في السابق ، و لكن بعد الضغط عليها الذي لا تمثله محكمة العدل الدولية و الجنائية الدولية فقط و لكن بعد الضغط عليها من قبل الشعوب و أعضاء المجتمع المدني و منصات التواصل الاجتماعي و المقاطعات و العقوبات فضلا عن الازدراء و نشر الوعي حول العنف الدامي اليومي على أرض فلسطين ، الملف الفلسطيني يطغى على الملفات الداخلية الأمريكية و الدولية ، فضلا عن المواطنين الأميركيين و مظاهرات طلاب الجامعات التي مثلت ضغطا كبيرا على السياسيين الأميركيين ، ستحاول إسرائيل التضليل رغم ذلك في جلسات المحكمة بحجة الجرائم التي ارتكبت بحق مواطنيها في السابع من أكتوبر الماضي ، و لكن لم يعد هناك مجال للمنظومة الدولية أن تتغاضى عن المقابر الجماعية و الإبادة ، لذلك بدأت الولايات المتحدة بتغيير لهجتها نحو الضغط على إسرائيل و التلميح لها  برسائل عدة بأنه قد آن الأوان لوقف هذه الحرب قبل الوقوع في صراع إقليمي و دولي أكبر لا مخرج منه.